تُثري الروابط التاريخية والثقافية التفاعل الذي تشارك فيه الهند مع الدول الجزرية في المحيط الهادئ
تعزز الهند علاقاتها مع دول الجزر الهادئة بشكل كبير خلال العقد الماضي، ما يعكس التزامًا استراتيجيًا بتعزيز التفاهم المتبادل ومعالجة التحديات المشتركة. الساحة الرئيسية لهذا التعاون هي "المنتدى الهندي لتعاون الجزر الهادئ"، الذي تأسس عام ٢٠١٤ لتعزيز التعاون بين الهند و١٤ دولة جزر هادئة تتضمن: جزر كوك، فيجي، كيريباتي، جزر مارشال، ميكرونيزيا، ناورو، نيوي، بالاو، بابوا غينيا الجديدة، ساموا، جُزُر سُلُيمان، تونغا، توفالو، وفانواتو.
مبادرات الرعاية الصحية لمعالجة احتياجات حاسمة
مثال بارز على تزام الهند تجاه دول الجزر الهادئة هو إرسالها ماكينات تحليل الدم لعدة دول منهم. في الثاني والعشرين من نوفمبر ٢٠٢٤, أرسلت الهند الشحنة الثانية من هذه الأجهزة، مع وحدات التناضح العكسي المحمولة، إلى جزر مارشال، وساموا، وجُزُر سُلُيمان، وناورو. هذه المبادرة تقدم تنفيذًا لوعد أعطته الهند في القمة الثالثة لـ FIPIC التي عقدت في مايو ٢٠٢٣ في بورت مورسبي، بابوا غينيا الجديدة.
في وقت سابق، في أكتوبر ٢٠٢٤، قامت الهند بإرسال الشحنة الأولى إلى بابوا غينيا الجديدة. يهدف هذا الدعم إلى تعزيز نظم الرعاية الصحية في هذه الدول، ومعالجة الاحتياجات الطبية الحاسمة وتحسين جودة الحياة لسكانهم.
التفاعل الاقتصادي والاستراتيجي
أولت الهند أهمية خاصة لبناء علاقات أقوى مع دول الجزر الهادئة، مستخدمة الروابط الثقافية والقوة اللينة لتعميق التواصل والتعاون. الثروات الطبيعية الهائلة للمنطقة، بما في ذلك الثروة السمكية، المعادن، واحتياطيات الطاقة، تقدم فرصًا اقتصادية لاحتياجات طاقة الهند المتزايدة وجهود تنويع التجارة. بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الموقع الاستراتيجي لهذه الدول بالقرب من الطرق البحرية الحيوية على أهمية الاستقرار الإقليمي والأمن لضمان استمرار التجارة العالمية وحماية المصالح البحرية الهندية.
التعاون متعدد الأطراف والآفاق المستقبلية
يتجلى التركيز الاستراتيجي للهند على المحيط الهادئ الجنوبي من خلال مشاركتها النشطة في المنصات متعددة الأطراف مثل منتدى جزر المحيط الهادئ، حيث كانت شريكة للحوار منذ عام ٢٠٠٢. إنشاء FIPIC في عام ٢٠١٤ كان علامة فارقة، حيث أثار التفاعل المستمر في التجارة، المساعدات، البنية التحتية، الرعاية الصحية، تكنولوجيا المعلومات، وما بعدها.
قد أسفرت قمة FIPIC ٢٠٢٣ في برنامج تنموي من ١٢ نقطة يستهدف مجالات رئيسية مثل الرعاية الصحية، الفضاء السيبراني، الطاقة النظيفة، والدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة في دول الجزر الهادئة. من بين المبادرات البارزة التي أعلن عنها تأسيس مستشفى للقلب في فيجي وتوفير وحدات تحلية لتلبية احتياجات المياه.
تشهد التفاعلات المتعددة الأوجه للهند مع دول الجزر الهادئة تزامناً بتعزيز التنمية المتبادلة، معالجة التحديات المشتركة، وتقوية الروابط على أساس العلاقات التاريخية والمصالح الاستراتيجية. من خلال مبادرات مثل FIPIC والمشاركة النشطة في المنتديات الإقليمية، تواصل الهند اللعب دورًا حاسمًا في تعزيز الاستقرار، الرخاء، والتنمية المستدامة في منطقة المحيط الهادئ الجنوبي.